يُعتبر النوم جزءاً أساسياً في رحلة نمو الأطفال، إذ يلعب دوراً محورياً في تطوير قدراتهم الجسدية والذهنية. إلا أن بعض الآباء يُفاجَؤون بسماع صوت شخير يصدر عن أطفالهم أثناء النوم، ما يثير في أنفسهم القلق والتساؤلات. فهل من الطبيعي أن يشخر الطفل؟ وهل هذا الشخير يمثل خطراً على صحته؟ هذا ما سنكشفه بالتفصيل في هذا المقال.
هل الشخير عند الأطفال حالة طبيعية أم مؤشر خطر؟
رغم أن الشخير يُلاحظ بكثرة عند البالغين، فإنه قد يظهر أيضاً عند الأطفال بدرجات متفاوتة. في الكثير من الأحيان، لا يُشكل الشخير الطفيف عند الأطفال مصدر قلق، خاصةً إذا كان يحدث بين الحين والآخر. لكن في حال تكراره بشكل منتظم أو كان الشخير مصحوباً بصعوبة في التنفس، فقد يكون مؤشراً على مشكلة صحية تُعرف باسم “اضطراب التنفس أثناء النوم”.
يختلف نمط الشخير من طفل لآخر، فبعض الأطفال يشخرون من حين لآخر دون أي مضاعفات، بينما قد يتسبب الشخير المستمر باضطرابات خطيرة تؤثر على نمو الدماغ، وتعوق التحصيل الدراسي، بل وتمتد لتشمل اضطرابات القلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم.
الأخطر من ذلك هو ما يُعرف بـ “توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم”، وهي حالة يعاني فيها الطفل من انقطاع مؤقت للتنفس أثناء نومه، مما يقلل من مستوى الأكسجين في جسمه. وقد ربطت دراسات عديدة بين هذه الحالة وبين مشكلات سلوكية وتأخر دراسي وضعف في التركيز.
مدى شيوع الشخير عند الأطفال والرضع
رغم صعوبة تحديد إحصائيات دقيقة بسبب عدم رصد الأهل لحالات الشخير دائماً، إلا أن بعض الدراسات أوضحت التالي:
- الشخير العرضي يُصيب قرابة 27% من الأطفال، ويُعد غالباً غير مقلق.
- الشخير البسيط أو الأولي (دون أعراض أخرى) يُسجَّل لدى نحو 10-12% من الأطفال.
- اضطرابات النوم الناتجة عن انقطاع النفس الانسدادي تؤثر على ما بين 1.2% إلى 5.7% من الأطفال، مع كون 70% منهم يعانون من شخير أولي فقط.
الأسباب الرئيسية للشخير عند الأطفال
ينتج الشخير عند الأطفال عادة عن تضيق جزئي في الممرات الهوائية، مما يسبب اهتزاز الأنسجة أثناء مرور الهواء ويؤدي إلى صدور صوت الشخير. وتشمل أبرز الأسباب المحتملة:
1. تضخم اللوزتين واللحمية
اللوزتان واللحمية تقعان في الجزء الخلفي من الحلق، وإذا تورمتا بسبب الالتهابات أو العدوى، فإنهما قد تُعيقان تدفق الهواء أثناء النوم.
2. السمنة وزيادة الوزن
السمنة ترفع من خطر الإصابة بانسداد مجرى التنفس، حيث تؤدي الدهون الزائدة إلى تضييق الممرات الهوائية، ما يزيد من احتمالية الشخير.
3. التهابات الجهاز التنفسي
نزلات البرد والاحتقان الأنفي تعيق مرور الهواء بشكل سلس، وقد تسبب شخيراً مؤقتاً حتى زوال العدوى.
4. الحساسية التنفسية
الحساسية، خاصة الموسمية منها، قد تسبب التهابات مزمنة في الأنف والحنجرة تؤدي إلى انسداد الممرات الهوائية.
5. الربو
الربو يضيق الشعب الهوائية وقد يؤدي إلى صعوبة في التنفس ليلاً، وبالتالي الشخير.
6. عيوب تشريحية
بعض الأطفال يولدون بتركيبة تشريحية للأنف أو الحلق تزيد من احتمال انسداد الهواء أثناء النوم، مثل انحراف الحاجز الأنفي.
7. التدخين السلبي
استنشاق الطفل لدخان السجائر من بيئته المحيطة يهيّج الجهاز التنفسي ويزيد من فرص إصابته بالشخير.
8. تلوث الهواء
الهواء المليء بالملوثات يمكن أن يسبب التهابات مزمنة في الجهاز التنفسي، ويؤدي إلى صعوبة في التنفس أثناء النوم.
9. قصر فترة الرضاعة الطبيعية
أظهرت بعض الأبحاث أن الأطفال الذين لم يحصلوا على رضاعة طبيعية كافية أكثر عرضة للشخير، ربما بسبب عدم نمو الفم والممرات التنفسية بشكل مثالي.

علامات وأعراض مقلقة مصاحبة لشخير الأطفال
رغم أن الشخير قد يكون طبيعياً في بعض الحالات، إلا أن هناك أعراضاً تُنذر بوجود خلل في التنفس أثناء النوم، وتتطلب استشارة الطبيب فوراً، ومن أبرز هذه الأعراض:
- شخير متكرر ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر.
- لهاث أو توقف التنفس مؤقتاً أثناء النوم.
- تبول لا إرادي أثناء الليل.
- تغير في لون الجلد نحو الأزرق بسبب نقص الأكسجين.
- صداع صباحي.
- نوم غير كافٍ والشعور بالنعاس أثناء النهار.
- صعوبة في التركيز أو مشاكل في التعلم.
- تشخيص سابق باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.
- ضعف النمو أو زيادة الوزن بشكل غير طبيعي.
تشخيص الشخير لدى الأطفال
1. الفحص السريري
يبدأ التشخيص بالفحص السريري الشامل للطفل، حيث يقوم الطبيب بفحص الأنف والحنجرة للتأكد من عدم وجود انسداد أو تضخم في اللوزتين أو الزوائد الأنفية.
2. فحص النوم
في بعض الحالات، قد يُطلب من الطفل الخضوع لفحص النوم (اختبار دراسة النوم) لتحديد ما إذا كان يعاني من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم.
3. الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي
تُستخدم هذه الفحوصات في بعض الحالات لتحديد ما إذا كان هناك تضخم في اللوزتين أو الزوائد الأنفية.
طرق علاج الشخير عند الأطفال
تختلف خطة العلاج بحسب السبب الكامن وراء الشخير، وغالباً ما يختفي الشخير العرضي تلقائياً دون تدخل. لكن في حال استمر الشخير، يمكن اتباع بعض الخطوات العلاجية:
1. تعديل نمط الحياة
- تقليل الوزن الزائد إن وُجد.
- رفع رأس الطفل أثناء النوم.
- تحسين جودة الهواء داخل الغرفة.
2. العلاج الدوائي
- مضادات الحساسية.
- بخاخات الأنف.
- مضادات الاحتقان (بعد استشارة الطبيب فقط).
3. العلاج الجراحي
في حال تضخم اللوزتين أو اللحمية، قد يُوصي الطبيب بإزالتهما جراحياً، وهو حل فعال للكثير من حالات الشخير المزمن.
4. تخطيط النوم (Polysomnography)
لتحديد مدى خطورة الشخير وانقطاع النفس، يُجرى هذا الفحص في مراكز متخصصة لمراقبة نمط تنفس الطفل أثناء النوم وتحديد العلاج المناسب.
متى يجب استشارة الطبيب؟
يُنصح بالتوجه إلى طبيب الأطفال أو اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة إذا لاحظتَ أن طفلك:
- يشخر بانتظام.
- يتوقف عن التنفس أثناء النوم.
- يعاني من مشاكل في التركيز أو التحصيل الدراسي.
- لديه أعراض مقلقة مثل صداع متكرر أو تعب دائم.
نصائح للوقاية من الشخير عند الأطفال
- الحفاظ على وزن صحي: يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن للطفل وممارسة النشاط البدني.
- تنظيف الأنف بانتظام: يمكن استخدام المحلول الملحي لتنظيف أنف الطفل.
- تجنب مسببات الحساسية: كالأتربة والفراء والغبار، خاصة في غرفة نوم الطفل.
- تشجيع النوم على الجانب: يساعد النوم على الجانب في تحسين تدفق الهواء وتقليل الشخير.
- الحفاظ على هواء نظيف في المنزل: يُفضل استخدام أجهزة تنقية الهواء للتقليل من تأثيرات التلوث المنزلي.
الشخير عند الأطفال ليس دائماً علامة على مشكلة صحية، لكنه قد يُخفي اضطرابات تنفسية خطيرة تؤثر على نموهم العقلي والجسدي. من المهم أن يراقب الأهل نمط نوم أطفالهم بعناية، وألا يترددوا في طلب الاستشارة الطبية إذا استمر الشخير أو تفاقمت الأعراض المصاحبة له.
وفي حال كنتَ من سكان جدة أو تبحث عن أفضل رعاية طبية لأطفالك، نوصي بزيارة “عيادات الصفاء الرائدة”، حيث يضم قسم الأنف والأذن والحنجرة نخبة من الاستشاريين، وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن الشالي، صاحب الخبرة التي تتجاوز 20 عاماً في علاج اضطرابات التنفس عند الأطفال ومشاكل الشخير.

