تُعد الأكزيما من أكثر اضطرابات الجلد شيوعًا لدى الأطفال، وقد أثبتت الإحصائيات أن واحدًا من بين كل خمسة أطفال في بريطانيا يعاني من هذا المرض الجلدي المزعج، الذي يُسبب حكة مزمنة وتغيرًا واضحًا في مظهر الجلد. وتُظهر التجارب الطبية أن الاستجابة للعلاج تختلف من طفل لآخر، مما يجعل التعامل مع الأكزيما تحديًا يتطلب الصبر والفهم.
في هذا المقال، نُسلط الضوء على الأكزيما من جميع الزوايا: أسبابها، كيفية حدوثها، أعراضها، وطرق العلاج والوقاية منها، بأسلوب سهل وواضح لكل أب وأم حريصَين على راحة أطفالهم.
ما هي الأكزيما ولماذا تصيب الأطفال؟
الأكزيما هي التهاب جلدي مزمن غير معدٍ، يتميز بتهيج الجلد والحكة والجفاف. تبدأ غالبًا في مراحل الطفولة الأولى، وتظهر على شكل بقع ملتهبة قد تكون جافة أو رطبة. وتؤكد منظمات صحية عالمية مثل الجمعية البريطانية للأكزيما والمعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة أن الأكزيما تصيب ملايين الأطفال والرضع سنويًا، وغالبًا ما تبدأ في السنة الأولى من العمر.
ما أسباب الأكزيما عند الأطفال؟
رغم أن السبب الدقيق للإصابة بالأكزيما لا يزال غير معروف تمامًا، إلا أن الأطباء يعتقدون أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية والمناعية والبيئية تساهم في ظهورها:
1. العوامل الوراثية
إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب يعاني من الأكزيما أو أمراض تحسسية مثل الربو، تزداد احتمالية إصابة الطفل بنسبة تصل إلى 50%.
2. فرط نشاط الجهاز المناعي
يُرجح أن يكون الجهاز المناعي للطفل المصاب بالأكزيما أكثر حساسية تجاه المثيرات الخارجية، مما يؤدي إلى استجابة التهابية مفرطة في الجلد.
3. العوامل البيئية
مثل:
- المهيجات الجلدية (كالصابون القوي أو العطور)
- التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة
- التعرق الشديد
- الغبار أو حبوب اللقاح
- الاحتكاك ببعض الأقمشة أو وبر الحيوانات
- بعض الأطعمة (مثل الحليب، البيض، المكسرات)
كيف تحدث الأكزيما في الجلد؟
الجلد المصاب بالأكزيما يفقد قدرته الطبيعية على حماية الجسم، حيث تصبح الخلايا الجلدية أقل تماسكًا، مما يسمح للمواد الخارجية باختراقه بسهولة. يؤدي ذلك إلى التهابات متكررة مصحوبة بحكة شديدة، وإذا تم خدش الجلد، تزداد فرص التهيج وتظهر عدوى ثانوية.
أبرز أعراض الأكزيما عند الأطفال
- جفاف شديد في الجلد
- بقع حمراء أو متهيجة تظهر غالبًا على الوجه، الساعدين، الساقين، أو خلف الركبتين
- حكة مزعجة تزداد ليلًا
- تورم أو تشقق الجلد
- تقشر أو نزول سوائل في الحالات الشديدة
- سماكة الجلد مع مرور الوقت بسبب الخدش المتكرر

أنواع الأكزيما الشائعة عند الأطفال
1. الأكزيما التأتبية (الاستشرائية)
النوع الأكثر شيوعًا، وترتبط بالحساسية الوراثية وغالبًا ما تظهر في مرحلة الرضاعة.
2. أكزيما التماس
تحدث نتيجة ملامسة الجلد المباشرة لمواد مهيجة أو مثيرة للحساسية، مثل المنظفات أو المعادن.
كيف يتم تشخيص الأكزيما؟
لا يوجد فحص وحيد يشخّص الأكزيما بشكل قاطع، ولكن الطبيب يعتمد على الفحص السريري وملاحظة الأعراض. في بعض الحالات، يتم إجراء اختبارات تحسس الجلد أو أخذ عينة لفحص البكتيريا إذا كان هناك التهابات ظاهرة.
كيف تُعالج الأكزيما عند الأطفال؟
علاج الأكزيما يعتمد على تهدئة الالتهاب وتخفيف الحكة وتحسين وظيفة الحاجز الجلدي. ويشمل:
1. المرطبات (المطريات)
تُستخدم يوميًا للحفاظ على ترطيب الجلد ومنع الجفاف. تُعد أساس العلاج في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة.
2. الستيرويدات الموضعية
تُستخدم لعلاج التهيج الحاد، وتُصرف بتركيزات مناسبة لعمر الطفل لتفادي الآثار الجانبية.
3. أدوية أخرى
- مثبطات المناعة الموضعية (مثل تاكروليموس)
- مضادات الهيستامين لتقليل الحكة
- مضادات حيوية عند وجود عدوى جلدية
نصائح عملية للوقاية من تفاقم الأكزيما
- تجنب الصابون المعطر والمنظفات القوية
- استخدام الملابس القطنية الفضفاضة
- الحفاظ على برودة غرفة النوم
- قص أظافر الطفل لمنع الخدش
- ترطيب الجلد بعد الاستحمام مباشرة
- مراقبة النظام الغذائي للطفل
- غسل الملابس بمساحيق خالية من العطور
- الاستحمام مرتين في الأسبوع فقط باستخدام ماء فاتر
- تجنب الحيوانات الأليفة أو الطفيليات المهيجة
- استشارة الطبيب فور ظهور إفرازات صديدية أو تقرحات
دور الأسرة في رعاية طفل مصاب بالأكزيما
الوالدان هما الداعم الأكبر للطفل، فهما يساعدانه على فهم الحالة، وتقبّلها، والتعايش معها. الصبر في التعامل مع الطفل المصاب، وتوفير بيئة آمنة خالية من المحفزات أمر ضروري لتقليل نوبات التهيج.
هل تختفي الأكزيما مع تقدم العمر؟
تشير الدراسات إلى أن 75% من الأطفال المصابين بالأكزيما تتحسن حالتهم بشكل كبير قبل بلوغهم سن المراهقة. ومع ذلك، قد يستمر بعض الأطفال في المعاناة من أعراض خفيفة خلال حياتهم البالغة.
الأكزيما ليست مجرد طفح جلدي بسيط، بل حالة صحية مزمنة تتطلب رعاية دقيقة. بالاهتمام اليومي بالبشرة، وتجنب المحفزات، واستخدام العلاجات المناسبة تحت إشراف الطبيب، يمكن لطفلك أن ينعم بحياة مريحة وخالية من الألم.
لصحة جلد طفلك وراحته النفسية، لا تترددي في استشارة أطباء قسم الأطفال في عيادات الصفاء الرائدة بجدة، حيث يقدم الفريق الطبي المتخصص بقيادة الدكتور إسماعيل الشريف، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، رعاية دقيقة لحالات الأكزيما وغيرها من الأمراض الجلدية الشائعة لدى الأطفال، بخبرة تتجاوز 25 عامًا في تشخيص وعلاج مشكلات البشرة لدى الصغار. عيادات الصفاء هي خيارك الأمثل لراحة وأمان طفلك.

