تُعد التطعيمات من أهم الوسائل الطبية الوقائية التي ساهمت، ولا تزال، في إنقاذ ملايين الأرواح حول العالم. فهي لا تحمي الأطفال فقط من الإصابة بأمراض معدية قد تكون خطيرة أو مميتة، بل تلعب دورًا محوريًا في الحد من انتشار هذه الأمراض داخل المجتمع، مما يجعلها ركيزة أساسية في نظام الصحة العامة.
في هذا المقال، سنغوص في تفاصيل أهمية التطعيمات للأطفال، وكيف تعمل، وما هي أنواعها، وأهم اللقاحات التي يجب إعطاؤها في المراحل العمرية المختلفة. كما سنتحدث عن فوائد التطعيم النفسية والاجتماعية، وأهمية الالتزام بجدول اللقاحات لضمان مستقبل صحي وآمن للطفل والمجتمع بأسره.
ما هي التطعيمات ولماذا تعتبر ضرورية؟
التطعيم هو إدخال مواد آمنة إلى جسم الطفل تحتوي على شكل مضعف أو غير نشط من الجراثيم المسببة للمرض، أو على أجزاء منها. يهدف هذا الإجراء إلى تحفيز جهاز المناعة للتعرف على هذا العامل المرضي وإنتاج أجسام مضادة لمحاربته. بهذه الطريقة، إذا تعرض الطفل في المستقبل لنفس العامل المسبب للمرض، يكون جسمه جاهزًا لمكافحته بسرعة وكفاءة.
فوائد التطعيمات: حماية شاملة من الطفولة حتى الكبر
1. الوقاية من أمراض خطيرة
التطعيمات تحمي الأطفال من أمراض قاتلة مثل شلل الأطفال، الحصبة، السعال الديكي، الدفتيريا، والتهاب الكبد الفيروسي. هذه الأمراض كانت تُشكل خطرًا على حياة ملايين الأطفال قبل اختراع اللقاحات.
2. تعزيز الجهاز المناعي
من خلال تعريف جهاز المناعة على الجراثيم بطريقة آمنة، يصبح أكثر استعدادًا للتعامل مع الإصابات الحقيقية مستقبلًا، مما يمنح الطفل مناعة قوية وطويلة الأمد.
3. الحد من انتشار الأمراض
عندما يتم تطعيم نسبة كبيرة من الأطفال، ينخفض معدل انتقال العدوى، وتتحقق ما يُعرف بـ”مناعة القطيع”، والتي تحمي حتى أولئك الذين لم يتم تطعيمهم (مثل الأطفال المصابين بالحساسية أو الأمراض المناعية).
4. تقليل المضاعفات الخطيرة
حتى في حال إصابة الطفل بالمرض بعد التطعيم، فإن الأعراض تكون أخف والمضاعفات أقل خطورة مقارنة بمن لم يتلق اللقاح.
أهداف التطعيمات: ما الذي نسعى لتحقيقه؟
- تأمين الحماية الصحية المباشرة للأطفال ضد الأمراض المعدية.
- الحد من الأوبئة ومنع عودتها بعد أن تم القضاء على الكثير منها.
- خفض معدلات الوفاة والإعاقة الناتجة عن مضاعفات الأمراض.
- خلق بيئة صحية آمنة للأطفال في المدارس والنوادي والمجتمع عمومًا.
- تقليل الأعباء الاقتصادية على الأسر والأنظمة الصحية بسبب الحاجة لعلاج أمراض كان يمكن الوقاية منها بلقاح بسيط.
مكونات اللقاحات: كيف تُصنع التطعيمات؟
1. المادة الفعالة
وهي الجزء الذي يحفز الجهاز المناعي، وغالبًا ما يكون:
- فيروسات أو بكتيريا مضعفة أو مقتولة.
- بروتينات مأخوذة من الجرثومة.
- مواد وراثية (DNA أو RNA) كما في بعض لقاحات كورونا الحديثة.
2. المواد المساعدة
تُضاف لتحسين فعالية اللقاح، مثل الألمنيوم.
3. مواد حافظة
لضمان بقاء اللقاح صالحًا للاستخدام لفترة أطول.
كيف تعمل التطعيمات؟ رحلة في جهاز المناعة
– التعرف على العدو
عند إدخال اللقاح، يتعرف الجهاز المناعي على مكونات الجرثومة ويتفاعل معها وكأنها عدوى حقيقية.
– بناء الأجسام المضادة
تبدأ الخلايا المناعية بإنتاج أجسام مضادة تتعرف على هذا العامل وتدمره.
– تشكيل ذاكرة مناعية
يحتفظ الجسم بخلايا ذاكرة خاصة بهذه الجرثومة، مما يعني أنه سيكون قادرًا على التصدي لها بسرعة لاحقًا.
أنواع اللقاحات المستخدمة في الأطفال
1. لقاحات حية مضعفة
تحتوي على نسخ ضعيفة من الجرثومة مثل:
- لقاح الحصبة.
- لقاح النكاف.
- لقاح الحصبة الألمانية.
2. لقاحات معطّلة
تحتوي على جراثيم مقتولة بالكامل مثل:
- لقاح شلل الأطفال المعطّل.
3. لقاحات سمية
تستهدف السموم التي تفرزها البكتيريا، مثل:
- لقاح الدفتيريا.
- لقاح الكزاز (التيتانوس).
4. لقاحات حديثة بتقنية الحمض النووي
مثل بعض أنواع لقاحات COVID-19، والتي تعتمد على تقنية mRNA.
جدول التطعيمات للأطفال: حماية منذ الأيام الأولى
يجب الالتزام التام بجدول التطعيمات المعتمد من وزارة الصحة في كل بلد، وإليك ملخصًا لأهم اللقاحات بحسب الفئة العمرية:
منذ الولادة:
- لقاح السل.
- الجرعة الأولى من لقاح التهاب الكبد B.
في عمر شهرين:
- الجرعة الأولى من DTP (الخناق، السعال الديكي، الكزاز).
- شلل الأطفال الفموي.
- المستدمية النزلية النوع ب.
- الجرعة الثانية من التهاب الكبد B.
في عمر 4 أشهر:
- الجرعة الثانية من DTP.
- الجرعة الثانية من شلل الأطفال.
- الجرعة الثانية من المستدمية النزلية.
في عمر 6 أشهر:
- الجرعة الثالثة من DTP.
- الجرعة الثالثة من شلل الأطفال.
- الجرعة الثالثة من التهاب الكبد B.
في عمر 9 أشهر:
- الجرعة الأولى من لقاح الحصبة.
في عمر 12 شهرًا:
- لقاح الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية (MMR).
- لقاح الجدري المائي (الحُماق).
في عمر 18 شهرًا:
- جرعات تعزيزية لـ DTP و شلل الأطفال.
- الجرعة الثانية من لقاح الحصبة.
في عمر سنتين:
- لقاح التهاب الكبد A.
في عمر 5 سنوات:
- جرعات تعزيزية من DTP، شلل الأطفال، ولقاح الحُماق.
في عمر 10 سنوات:
- لقاح التيفوئيد.
لقاحات شائعة وأمراضها المستهدفة
- لقاح MMR: ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
- لقاح DTP: ضد الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي.
- لقاح شلل الأطفال: عبر الفم أو عن طريق الحقن.
- لقاح المستدمية النزلية النوع ب: يقي من التهاب السحايا والتهابات الجهاز التنفسي.
- لقاح التهاب الكبد: نوعي A وB.
- لقاح الجدري المائي (الحُماق): يقي من طفح جلدي معدٍ ومزعج.
- لقاح الروتا: يمنع حالات الإسهال الشديدة لدى الرضع.
فوائد التطعيم تتجاوز الجانب الصحي
التطعيمات لا تُقدّم حماية صحية فقط، بل تمتد فوائدها إلى:
1. الجانب الاجتماعي
- خفض معدلات التغيب المدرسي بسبب المرض.
- حماية كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة الذين لا يمكنهم أخذ بعض اللقاحات.
2. الجانب النفسي
- راحة نفسية للأهل بسبب قلة القلق على صحة الطفل.
- شعور بالطمأنينة عندما يلعب الطفل في بيئة صحية آمنة.
3. الجانب الاقتصادي
- تقليل نفقات العلاج والدواء.
- تقليل الضغط على المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية.
ماذا يحدث إذا لم يتم تطعيم الطفل؟
عدم تطعيم الطفل يُعرّضه لعدة مخاطر صحية واجتماعية:
- احتمالية الإصابة بأمراض خطيرة مثل شلل الأطفال أو الحصبة.
- نقل العدوى لأشخاص آخرين في الأسرة أو المدرسة.
- المساهمة في انتشار الأوبئة وظهور أمراض اختفت منذ عقود.
التطعيمات في السعودية: التزام وطني بالصحة العامة
تولي وزارة الصحة السعودية اهتمامًا كبيرًا ببرنامج التحصين الوطني للأطفال، حيث توفر جميع اللقاحات مجانًا في المراكز الصحية، وتلتزم بتحديث الجدول وفق التوصيات العالمية.
وتحرص أيضًا على التوعية المستمرة من خلال الحملات الإعلامية والإرشادية، ما ساهم في رفع نسب التغطية بالتطعيمات إلى مستويات عالية.
تعد عيادات الصفاء الرائدة في جدة من المراكز الطبية الرائدة في تقديم خدمات طب الأطفال وحديثي الولادة، بما في ذلك برامج التطعيمات الأساسية لحماية الأطفال من الأمراض المعدية. تحت إشراف الدكتور إسماعيل الشريف، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة بخبرة تتعدى 20 عامًا، تضمن العيادات تقديم رعاية صحية شاملة وفقًا لأعلى المعايير الطبية. لضمان صحة طفلك وحمايته من الأمراض المعدية، ينصح بزيارة عيادات الصفاء والحصول على التطعيمات اللازمة في مواعيدها المحددة.
التطعيمات ليست مجرد إبر تُعطى للأطفال، بل هي حجر الأساس لبناء مجتمع سليم وصحي. كل لقاح يُعطى لطفلك هو خطوة نحو حمايته من أمراض خطيرة، وتقوية جهازه المناعي، ومنحه فرصة لحياة آمنة خالية من المضاعفات.
ولذلك، من المهم الالتزام بجدول التطعيمات، والتواصل المستمر مع مقدمي الرعاية الصحية لضمان تلقي الطفل لكل اللقاحات اللازمة في الوقت المناسب.
لذا، يجب أن تكون الزيارة الدورية لعيادات متخصصة مثل عيادات الصفاء الرائدة جزءًا لا يتجزأ من حياة الأهل لضمان تلقي أطفالهم أفضل الرعاية الصحية الممكنة.
