يُعد الاستفراغ عند الأطفال، خصوصًا الرضع، من الحالات التي تثير قلق الأهل رغم أنها غالبًا ما تكون غير خطيرة. في هذا المقال المفصل، نسلّط الضوء على الأسباب المحتملة للاستفراغ عند الأطفال، سواء كان مصحوبًا بارتفاع في درجة الحرارة أم لا، ونوضح الفروقات بين الترجيع الطبيعي والقيء الناتج عن مرض، ونقدم طرق العلاج المناسبة، مع نصائح للوقاية ومتى يجب مراجعة الطبيب.
ما هو الاستفراغ عند الأطفال؟ ولماذا يحدث بكثرة عند الرضع؟
الاستفراغ أو القيء هو خروج محتويات المعدة من الفم، ويحدث عند الرضع والأطفال لأسباب متعددة تتراوح بين الطبيعية والمَرَضية. وغالبًا ما يكون السبب غير مقلق، خاصةً عند الرضع حديثي الولادة، إذ يرجع السبب في كثير من الحالات إلى عدم اكتمال نضج الجهاز الهضمي.
الترجيع الطبيعي عند الرضع
يُعرف “الترجيع” بأنه خروج كمية صغيرة من الحليب من فم الرضيع بعد الرضاعة، وغالبًا ما يحدث قبل التجشؤ أو بعده. ويُعد أمرًا طبيعيًا في الشهور الأولى من عمر الطفل، ولا يُعد مرضًا بحد ذاته، بل جزءًا من عملية تأقلم الجهاز الهضمي على الرضاعة والهضم.
أسباب الاستفراغ عند الأطفال بدون حرارة
في بعض الحالات، يعاني الطفل من القيء دون وجود ارتفاع في درجة الحرارة، وهو ما يشير غالبًا إلى أسباب غير خطيرة، منها:
1. التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي
من أكثر الأسباب شيوعًا لاستفراغ الأطفال. ويُعرف بـ “إنفلونزا المعدة”، وعادةً ما يكون سببه فيروس، وليس بكتيريا. تظهر أعراضه في شكل غثيان، قيء، إسهال، وألم في البطن. وغالبًا ما يتحسن الطفل خلال أيام دون الحاجة لعلاج دوائي.
2. مشاكل في الرضاعة
من الطبيعي أن يتقيأ الرضع أثناء تعلمهم كيفية الرضاعة، نتيجة ابتلاع الهواء أو تناول كميات كبيرة من الحليب دفعة واحدة. لتخفيف الحالة:
- يُنصح بتقليل كمية الحليب في كل رضعة.
- زيادة عدد مرات الرضاعة خلال اليوم.
- الحرص على تجشئة الطفل بعد كل رضعة.
3. الحساسية تجاه الحليب أو أنواع معينة من الطعام
يعاني بعض الأطفال من حساسية تجاه بروتين حليب الأبقار أو مكونات غذائية أخرى، ما يؤدي إلى:
- استفراغ بعد تناول الغذاء المسبب.
- ظهور طفح جلدي.
- مغص وتقلصات معوية.
في هذه الحالة، يجب تغيير نوع الحليب بإشراف الطبيب.
4. دوار الحركة
بعض الأطفال يعانون من الغثيان والقيء أثناء التنقل بالسيارة أو الألعاب المتحركة. ويحدث ذلك بسبب عدم توازن الإشارات بين العين والأذن الداخلية والدماغ.
للوقاية:
- تجنب إطعام الطفل قبل الخروج مباشرة.
- اختيار وقت النوم للسفر.
- تثبيت رأس الطفل جيدًا في مقعد السيارة.
أسباب الاستفراغ عند الأطفال المصحوب بارتفاع الحرارة
عندما يصاحب الاستفراغ ارتفاع في درجة الحرارة، فإن السبب في العادة يكون عدوى أو التهاب، وقد يشير إلى أمراض أكثر جدية، مثل:
1. التهابات الجهاز البولي
قد يظهر في صورة:
- حرارة مفاجئة.
- ألم أثناء التبول.
- رائحة قوية للبول.
2. التهاب الأذن الوسطى
يسبب عدم الراحة عند الأطفال، ويؤدي إلى:
- حرارة.
- بكاء مستمر.
- قيء نتيجة الألم أو الضغط الداخلي في الأذن.
3. التهاب الرئة (الالتهاب الرئوي)
أحد الأسباب التي قد لا تُلاحظ بسهولة، لكنه يؤدي إلى:
- سعال مستمر.
- ضيق تنفس.
- قيء بعد نوبات السعال.
4. التهاب السحايا
حالة طبية خطيرة جدًا تتطلب تدخلًا فوريًا، وقد يظهر في صورة:
- حرارة مرتفعة.
- تيبس في الرقبة.
- تقيؤ متكرر.
- تغير في مستوى الوعي.
5. التهاب الزائدة الدودية
من الحالات التي تستدعي الجراحة العاجلة، وتظهر أعراضها في:
- ألم شديد يبدأ في وسط البطن ثم ينتقل إلى الجانب الأيمن السفلي.
- قيء متكرر.
- فقدان الشهية.
- حرارة.
أسباب نادرة أو أقل شيوعًا للاستفراغ عند الأطفال
1. اضطرابات الجهاز الهضمي الولادية
- تضيق عضلة البواب.
- انسداد الأمعاء الدقيقة.
- سوء دوران الأمعاء.
2. التسممات
- تناول الطفل لأي مادة سامة أو دواء.
- تظهر الأعراض سريعًا وتشمل استفراغ مستمر، دوخة، وتغير في السلوك.
3. الأسباب النفسية العصبية
- كالخوف أو القلق أو صدمة نفسية.
- يعبر بعض الأطفال عن توترهم بالقيء، خصوصًا عند الذهاب للمدرسة أو الانفصال عن الأم.
متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
يُنصح بمراجعة الطبيب فورًا إذا ظهر على الطفل أحد الأعراض التالية:
- الاستفراغ المستمر دون توقف.
- وجود دم في القيء.
- فقدان شديد للسوائل (جفاف).
- ارتفاع الحرارة بشكل غير طبيعي.
- خمول أو فقدان وعي.
- رفض الطفل للأكل والشرب.
علاج الاستفراغ عند الأطفال
أولاً: تعويض السوائل
من أهم الخطوات في العلاج منع الجفاف، عبر تقديم ما يلي:
- محاليل الإماهة الفموية: تحتوي على الأملاح والمعادن الضرورية.
- تُعطى على جرعات صغيرة ومتكررة.
- يمكن تجميدها على شكل مكعبات ثلج أو بوظة يحبها الطفل.
ثانياً: تعديل النظام الغذائي
بعد توقف القيء، يُنصح بالآتي:
- بدء الطعام الصلب بعد 8 ساعات، مثل: التوست، البطاطا المهروسة، البسكويت المملح.
- تجنب الحليب ومشتقاته في اليوم الأول.
- العودة للطعام الطبيعي تدريجيًا بعد 24 ساعة من توقف الأعراض.
مضاعفات الاستفراغ المتكرر عند الأطفال
- الجفاف الشديد: والذي قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم أو نوبات.
- فقدان الوزن: بسبب فقدان الشهية وعدم الاحتفاظ بالطعام.
- التهيج المستمر: نتيجة التعب أو عدم الراحة.
نصائح وقائية لتقليل حالات الاستفراغ
- غسل اليدين قبل وبعد الطعام.
- تجنب إطعام الطفل أطعمة جديدة بكميات كبيرة دفعة واحدة.
- الحفاظ على جدول منتظم للرضاعة والنوم.
- عدم إجبار الطفل على تناول الطعام وهو مرهق أو يبكي.
في حال استمر الاستفراغ عند طفلك، أو لاحظت أعراضًا مقلقة مثل فقدان الشهية أو الجفاف أو تغير في السلوك، فإننا نوصي بشدة بزيارة عيادات الصفاء الرائدة في جدة، حيث يضم قسم الأطفال نخبة من الأطباء المتخصصين في تشخيص وعلاج أمراض الأطفال مثل الدكتور إسماعيل الشريف، أخصائي طب الأطفال وحديثي الولادة، بخبرة تتجاوز 25 عامًا في تقديم الرعاية الطبية للأطفال بكل مهنية وإنسانية.
الاستفراغ عند الأطفال ليس دائمًا علامة على وجود مرض خطير، لكنه قد يكون مؤشرًا على حاجة الطفل إلى الرعاية الطبية في بعض الحالات. وبتفهم الأسباب والحرص على تقديم العناية السليمة في المنزل، يمكن للأهل مساعدة أطفالهم على التعافي بسرعة وأمان.
